The Sea Elder......

شيخ البحر

كلمات صباحية

ليس الحب والجمال والحياة في الأخذ والاستحواذ، كلما كانت العلاقة مع الأشياء من حولنا علاقة فيها الأخذ والعطاء، الاستحواذ والإحاذة

كلما تماهينا مع الشيء وصرنا كلّاً واحداً معه مع الحفاظ على فردانيتنا وصفاتنا الذاتية، كلما أحسسنا بأن هذا التفاعل يملؤنا أكثر

كن أنتَ للشيء بقدر ما يكون لك، لا تنتظر بل بادر تجاه الأشياء، الأشياء بوصفها أي مكوّن من محيطك، بما في ذلك الإنسان أو ما يشبهه

من زمن طاغور وقبل ذلك بكثير عرف الإنسان أن قيمة الأشياء تزول وتنتهي كلما حاولنا تملكها أكثر، ومع ذلك اخترعوا النقود واخترعوا الملكية واخترعوا أنظمة اجتماعية واقتصادية وحتى أخلاقية؛ لتضمن لهم ملكية طائفة وتحجب عنهم ما هو حقيقي وثابت ومستمر

غريبون هم البشر يجهدون كي ينشئوا هكذا نظام، علماً أن نصف هذا الجهد كان ليكلفهم لو تركوا أنفسهم لى فطرتهم

لست أقول بأن البشر خيرون بالمطلق أو بالفطرة، ولكن تغريب الإنسان عن ذاته وعن ما يملؤه فعلاً بات من الأشياء التي تجعلني أحس بالألم، ألم روي عميق، كلما نظرت إلى إنسان ورأيت ما يحيك لي داخله من أفكار واستراتيجيات كي يحصل مني على يريد بأقل قدر ممكن مما لديه كي يعطي

لم هذه المراكمة؟؟؟ في الدين لا أحد يأخذ معه شيئاً

في الفلسفة كلنا فانون

أترك السؤال مفتوحاً ولعلي أطلت الحديث، وتشعبت به، ولكن منذ البارحة وأفكار شتى تتحرك في رأسي، وأحس بأن استلابي للعمل والحياة المقيتة التي تسحبنا رويداً رويداً نحو علاقاتٍ إنسانية أقل وأضحل روحياً، بات شغلاً شاغلاً في روحي

كان فيّ البارحة مشاعر أتمنى لو أقدر على نقلها لكل من أحب، مناظر تعيد إلى البال الصفاء والراحة والانسجام مع المحيط

واليوم أعود إلى العمل والكذب والرياء، محاولاً كما في كل يوم، أن أكون أنا كما أريد، أن أحافظ على روحي يوماً آخر، أن ينتهي نهاري وما زال في الروح والقلب جرعة أخيرة، تساعدني على الإحساس بالجمال والحب فلذة كبد كفيلة أن ترد لي جسدي الذي استلب كما بروميثيوس، كي أنهض صباح يوم جديد لتنهشني آلة العمل ورأس المال

العدل والرحمة، الأب هو الأب، عادلٌ كما حد السيف، تخالجه في لحظات مشاعر التسامح والرحمة، ولكن عمله ووظيفته تفرضان عليه أن يكون صاحب القرار الصلب والثابت كما السيف

الأم هي الأم، طبيعتها الأنثوية وإحساسها الكلي بالحياة يدفعها أن تتسامح مع الخطأ وترحم المخطئ

الديانات، أبوية وأمومية، الأب يحاسب بالصراط المستقيم كما الإسلام

أما الأم فهي تسامح وتحمل خطايا البشر كما حملها المسيح على ظهره صليباً ثم صلب عليه

هل كان من الصعب على الإنسان القديم، أن يخترع ديناً فيه من العدل ما فيه من الرحمة؟ مكالمة البارحة، أثارت في تساؤلاً جديداً

هل من حاجة داخلنا، تدفعنا لطلب الرحمة والتسامح رغم معرفتنا بأننا أخطأنا ونستحق حساباً عادلاً؟

أحس بأن قدرتي على التسامح " وهي كبيرة" نسبياً تأتي من غياب الأب في حياتي، وحضور طاغٍ للأنثى، ولا أقدر سوا أن ألاحظ التغيير الذي طرأ ويطرأ علي منذ سنوات فقد بتّ عادلاً أكثر، مع الاحتفاظ بقدرتي على التسامح، علاقتي مع نفسي أصبحت أكثر استقراراً، ودوري ومسؤوليتي باتت أكثر وضوحاً

تقول غادة السمان: ما الذي بقي لنحس إننا يجب أن نقف ونمسك بما تبقى لنا من حياة؟

يتبقى وعينا بأن كل لحظة متبقية يمكن أن تتحول إلى أزلية إذا منحناها ذاتنا بصدق متفان بلا نهاية.

لقد تبقى ما كان هناك منذ البداية: الإيمان بمجموعة من البديهيات التي جعلنا هذا العصر الرديء نضطر لإثباتها بدمنا..

وحتى في تلك اللحظة الكئيبة، حين ينسحب ضوء الإصرار من ذاتنا، علينا أن نسلم الراية ليد لم تتعب بعد، وروح ما تزال مصرة على الركض لإضاءة الشمعة الإلهية التي هي العدالة والحق والحب والفرح... والخبز غير المرّ

و لا أجد مزيداً من الكلمات لأضيف

أطلت عليكم، أتمنى أن تلامس كلماتي شيئاً في داخل كل منكم، وأتمنى أن أسمع ردوداً فيها ما ابتدأت به كلماتي هذه

أخذ وعطاء، إحساس بالروح القابعة داخل كل منا، حبيسة، تنفلت للحظات معلنة أنها الأقوى، وأنها لا تموت

موال عالسريع

في مساكين لو بقدر آويها

وناس استبد بضعيفها قويها

إذا المسكين قله شي آويها

بيكون فلتان لحظة من العذاب

0 comments:

Post a Comment