The Sea Elder......

شيخ البحر

على ضوء القمر - بذرة فكرة

لطالما كرهت فكرة أن القمر هو مجرد جرم سماوي غير منير.
يستمد ضوءه من نجم الشمس و يعكسه على الأرض.

عندما نظرت ملياً إلى القمر اليوم، هالني حجم الضوء الذي يمكن لهذا الجرم أن يعكسه.
مرت في بالي هذه الفكرة:



لطالما اعتبرت الحضارات القديمة و حتى البدائية منها الشمس، كإله ذكر، و اعتبر القمر رمزاً نفسياً أنثوياً.

فإن كانت الشمس تغرقنا بنورها في النهار، معرّية كل تفاصيلنا، مظهرة كل عيوبنا أمام الآخرين، لجأنا كبشر منذ غابر الزمان، و كنوع من اتقاء "حرها" و "نورها"، إلى إخفاء هذه التفاصيل وا لعيوب، مخبئين خوفنا من أن نكون على حقيقتنا أمام أنفسنا كما أمام الآخرين، و أمام الشمس كرمز نفسي للأب.
و بقي لنا الليل بطوله، لنقضيه مع أنفسنا، مستمدين من نور القمر الخافت نسبياً، نوراً يساعدنا على الوقوف على حقيقة أنفسنا،
فالقمر رمز نفسي للأنثى، و أنا أقول إنه رمز نفسي مهم جداً،
فضوء القمر يسهل علينا أن ننظر إلى نفسنا بهامش من الحرية. دون الخوف من نور الشمس القوي الذي يعرينا، و يدفعنا دفعاً إلى الاختباء.


ضوء القمر يسمح لنا و على مهلٍ النظر ملياً بحقيقتنا، الأنثى القمر 
"و لو أن حقيقة كون القمر جرماً لا يضيء بل يضاء بنجم الشمس، تولد لدي خوفاً من نظرة تعصب ضد المرأة الأنثى""

 أقدر على إظهار حقيقتنا من الشمس – الذكر – الأب.
من منا ليس بقادر على الالتفاف و اللعب على الحقيقة أمام الشمس؟ الاختفاء أو الاختباء منها؟؟
و من منا لا يحب التصرف بحرية في ضوء القمر؟؟

إن كانت الشمس قاسيةً في طريقة كشفها لحقيقتنا، فإن القمر يتيح لنا فرصة للتعرف إلى ذواتنا بطريقة أنثوية لطالما احتاجت لها البشرية.
ليست ضعفاً أو نقصاً، بل ببساطة حنوّاً نشتاق إليه جميعاً.




أسمع في هذا الليل، صدى صوتِ أمٍ تغني لطفلها، أو تحكي له حكاية، تقص على مسامعه حكاية الجنس البشري و رموزه الأولى، بكلماتٍ يفهمها عقله الذي لا يزال متوافقاً مع نفسه، قبل أن تفرض عليه الحياة تجاربها مع ضوء الشمس، مبعدةً إياه عما هو حقيقي بداخله.

و يبقى لنا الليل، لنعود إلى ذلك الحضن الذي يقبلنا كما نحن. بنورٍ كافٍ للنظر حولنا و داخلنا.
على ضوء القمر



الخميس 07/05/2009

الساعة 5 و نص صباحاً

........مطر خفيف صباح يوم ما

وجوه البشر الشاحبة قد غفت    
أنوار السيارات القليلة التي تمرّ بنا على طرقات المدينة النائمة، عاكسةً قطرات المطر الناعم الذي يهطل على وجهي، وهي تصل الأرض مداعبةً ترابها بنعومةٍ فاحت معها روائح الأرض كما الشجر.


شممت روائح لطالما أحببتها مذ كنت صغيراً
عبقَ صدري بها قبل تلوثه بعطر حضارةٍ زائف.


كلماتٌ قليلة مع رفيق دربي كانت ممتعةً لدرجة الثمالة رغم بساطتها. 


سؤالٌ مرّ في خاطري مسرعاً.
كم عدد الأشخاص الذين يمكن لهم أن ينهضوا من أسرّتهم و يجرّبوا ما عشته في تلك اللحظة، عندما غافلتني نسمةٌ باردة، واجتاحتني عميقاً حتى سرتِ الرعشةُ في أطراف أصابعي؟؟؟

كم ابتعدنا حتى بتنا نهرب من لحظةٍ كهذه لنجلس أمام تلفازٍ أو كمبيوتر، لنقاربها بصورةٍ أو مقطعٍ من الفيديو!


حتى نتشارك لحظةً كهذه، أترككم مع موسيقا كانت تدور في رأسي في تلك اللحظات.
موسيقا خاصة جداً لكارول كينغ بأغنية تقول :
you are so faraway

بكتب اسمك ياحبيبي

آه كم كان جميلاً صوتكو آه كم كنتِ جميلة
عندما رسمت ملامح صوتك
تصمت حواسي و أصبح أذناً
تصغي لصوتك
النشيط حيناً و المتعب أحياناً
و الجميل دوماً
ترقص أذن على وقع موسيقى حروف كلماتك
فتغار أخرى
و أغرق في بحيراتِ ألوانٍ محاولاً بعبث طفلٍ
إيجاد لونٍ كلونِ عينيكِ
أحب هذا اللون
فارتديه عندما تأتين
و ارتديه عندما لا تأتين، فهو جميلٌ عليكِ
دعيني أكمل لوحتي فليس لدي أكثر من عمرٍ واحدٍ
لأقضيه في رسم عينيكِ
فغداً و عندما يسألونكِ عني
بإمكانك الإشارة إلى لوحتي القول
بكتب اسمك يا حبيبي
عالحور العتيق


عصفور تائه

اتركيني مرمياً على قارعة الطريق
لتمر بي الحياة مسرعة
و أنا أنتظرك

يتلاعب الهواء و قدر لم أكمل رسمه بالطريق الذي ضاعت معالمه
تاركاً إياي تائهاً كما عصفور حل المساء عليه و لمّا يصل العش.
فتاه عن عشه و تاه عنه عشه.



أنتِ

اشتقت أن تكوني
فكوني منجلاً بيد فلاح يحصد سنابلاً تطعم شعباً
و مطرقة تبني بيوتاً أجمل للأطفال
كوني برداً و سلاماً على قلب مؤمن خاشع في صلاة
أو روحاً قدساً تتمايل بين يدي عذراء
كوني عشتار
كوني الخطيئة و الثواب في إرث شعب لم يعرفك قط
و دعيني أكون ضلعك القاصر
فأنتِ أنتِ يا أنتِ أكمل النساء

تفاحة

الآن و أنا أسمع موسيقاي فهمت كم كانت نظرة الأديان خاطئة.
لطالما حاولوا إقناعنا أن آدم أخطأ عندما أكل التفاحة من يد حواء.
كم هي نظرة ساذجة تلك.

أما أنا فأرى القصة هكذا:
كان آدم يحب حواء حباً جماً و كان قادراً بحبها أن يأخذ قراراً بترك جنة أبيه.
و كانت التفاحة هي الطريقة الوحيدة.
نظر عميقاً في عين حواء محاولاً استكشاف المستقبل.
راقه ما رأى، ابتسم لها، أخذ بيدها و تناولا التفاحة سوياً.


أبو ليلى

سمعت ريم بنا و سمعت بأغنية اسمها قمر أبو ليلى غنتها ريم منذ سنين.     

كنت في الاسكندرية، مستلقيا على مقعد على طرف مسبح الفندق الذي نزلت فيه عند زيارتي الأخيرة لمصر، أنظر للسماء و كانت ليلة صافية، ليس فيها غيمة واحدة، و كان قمرها بدراً مكتملاً، يتوسط السماء.
كنت مشتاقاً، و كان شوقي يحرقني، شردت عن الموسيقا الخفيفة التي كانت ترسل من بهو الفندق القريب، و مر أمام عيني صور متلاحقة كانت كالتالي:

كان أبو ليلى رجلاً لديه منزل و عائلة و أرض، و كان ذلك قبل سنة 1948.
عندما بدأ اليهود بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، و احتلال أرض فلسطين، حمل أبو ليلى بندقيته و التحق بالمجاهدين.
غاب أبو ليلى عن الدار طويلاً، و لم يسمع أخباراً عن أم ليلى و الأولاد و الأرض
و بعد مرور أشهر، عاد إلى الضيعة و هناك لم يجد أحداً، لا أم ليلى و لا الأولاد و لا الأرض و لا الدار.
كان اليهود قد مروا من هنا غماماً اسوداً و طردوا الناس من ديارهم، و سووا البيوت بالأرض.
حاول أبو ليلى كثيراً أن يعلم ما الذي حصل و أين عائلته الآن، و لكن عبثاً، ترك الضيعة و الدمعة تتراقص في عينيه.

عاد أبو ليلى إلى المجاهدين، و كان في كل ليلة يسهر الليل بطوله يسأل القمر عن زوجته و أولاده، يا ترى وين هم هلق؟ و بأي أرض و ديار عايشين؟؟ لكن ما في جواب. 
و كان رفاقه يسمعونه و لا يسألون، و كل منهم لديه قصة مثل قصته. 
و كان يوم ذهب أبو ليلى و لم يعد، استشهد على أرض المعركة.
و بليلة هداك اليوم و كان القمر بدر، كان أبو ليلى غايب، قرروا المجاهدين يسموا قمر هديك الليلة قمر أبو ليلى.


و من يومها و أنا ما عدت سميت القمر غير قمر أبو ليلى